رفعَت المَحكمة جلسَتها فليقف الحُضور
وليدخُل قاضي الحُب ومُساعدُه المشهُور
فيطلُب بعدَ جلوسِه الإدّعاء والشُهود
ويُنادي بالمُتّهم ومَن يتّهمه
القاضي : أخبروني ما بكُم لعلّي أجدُ الحلول
الشاب : دَنوتُ مِنها بكُل ألمٍ وإنكِسار مَشهود
القاضي : ما بكَ فأنتَ بعُمر الزهور
ولِما هذا حالكَ فالعشقُ قاتلٌ مأجور
فأخبرنا فأنا أسمَعكُ وكُل الحُضور
الشاب : عَرفتُها بَعد أنْ صرّحت لي بحُبّها
وكانَ جَوابي بالرفضِ والخَجَل والسُكُوتْ
القاضي : ولِما فَعلتَ ذلك
الشاب : ألَمي أيّها القاضي كانَ
سدّاً وحُجْرة في تِلك القلوب
القاضي : وهلْ بعَدت بَعدها
أمْ داءْ الحُب تَسلّل إلى القلوب
الشاب : لا أعرفُ ما الذي حَصل لكنّها
جَذبتني وأحْسَستُ مَعَها بالأمانْ المَرغُوب
إذا بَدأ حُبّاً فَهنيئاً لهذِه القلوب
توَقف أيّها القاضي هُنا
فحَديثي لمْ يخرجُ مِنَ النُفوس
فقد إقتربتُ مِنها وبُحتُ لها بألمِي
جَعلتْني سَعيد جداً وكنتُ أبتسمْ
آآآآآآآآآهْ ما أجْملهُ منْ شعور
بعالمٍ آخرعِشتُ مَعها
وكانتْ هِي فقط والله
تُغنيني عَن كُل الحُضور
رأيتُ حُبي بكُل كَلماتِها
فقد كانت سرّي المَدفوُن
صارَحتُها بحُبي الحَنون
وإعتقدتُ أنّها سَتفرح
ونَطيرُ مَعاً لأبعدَ الحُدود
القاضي : ومَا الذي حَصلْ
الشاب : قالتْ إنّه إعجَاب
فقد كانتْ مُخطأةٌ بمَا تقوُل
القاضي : وهَل صدّقتها أيّها الشاب
الشاب : أبداً فحُبي أراهُ واضِحاً بِلا قيودْ
القاضي : فلِما رفَضَته وكانَ ردّها بالجحُود
الشاب : لا أعرفُ ولَمْ أفهَمَ حَديثها المَزعُوم
القاضي : إبتعِد عَنها فلا حَاجةً لكَ بهذا الجُنون
الشاب : وقلبي أيّها القاضي كَيف أقنِعه بمَا تقوُل
فهُو مِسكِين وكلّه حَنينْ يرتقِبه أمَامَ الحُضور
ولكِنّه نزَفَ دَماً وألماً بسَببْ إتّهامٍ لُفق لي
القاضي : ومَا كانَ هذا الإتّهامْ أمْ أنّهُ
إدّعاءْ مجهُول مِنكَ أنتَ أيّها الشاب
الشاب : صدّقتْ كَلاماً مِن شَخصٍ
مجهوُل لَم أعرِفه ولمْ أسمَع عَنهُ
أخبَرها بإنّي لسْتُ عَاشقٌ لها
وعَاشِقتي فتاةٌ مجهوُلة
والحُب لديّ مَسرحِية
بكُل عَرضٍ لها مَجنوُن
وكلِمة أحبّكِ دائماً أردِدُها
فالكذِبُ بِنظري هِي هِواية
إتخذتُها لأسْتمتع بِما يدُور
القاضي : وهلْ دافعتَ عَن حُبك
بسُرعَة أمْ وَافقتها أنتَ بمَا تقوُل
الشاب : وكيفَ ذلكَ أيّها القاضي
فقد بيّنتُ إنّني كمَا تقوُل إنّني مُخادعٌ
ومَشاعِري كِذبْ لا أفهمْ مِنها المَقصُود
القاضي : ولمَا فعلتَ كُل ذلِك أيّها الشاب
الشاب : لا أعْرفُ فهَذا ما دارَ بِعقلِي المجنوُن
القاضي : والآن مَا الذي تريدُه مِنّي أمَامَ الحضوُر
الشاب : أريدُ أنْ أسترجِعَ قلبِي فقد سَرقتهُ مِنّي
وأريدُ أنْ أقتلُها بيدَايْ وأفرَح لوَحدِي بتَعذيبَها
بينَ كُل النّاسْ والحَاضِرينْ والمُتّهَمِينْ
وأنْ أخبِرُها بكُل طعنةٍ إنّني أحبَبتُها
فقد كانَ حُباً وليسَ إعجابٌ كَما تقوُل
وبَعدَ ذلِكْ رَفعَ القاضي يَدهُ
ليصدُر قرارُه أمَامَ الحضوُر
فاذا الشابْ قلبُه يَرتجي
فسأله القاضي : مَا بالِك ترتجي
وبدموُعكَ أغرقتَ كُلّ الحضوُر
الشاب : إنّها تسكُنُ أيّها القاضي
بدَاخِلي وبِها أعيشْ وأكونْ
وأي ضَرر بَسيط سَيلحَقُ
بِها سَأكونْ أنا قبلُها مَرحوُم
القاضي : ومَا الذي تريدُ منّا
أنْ نفعلُه فقد إحتَرنا بِمَا تُريد
الشاب : دَعْها تَذهبُ وتعيشُ بسَعادةٌ وسرُور
وسَتأتي بكُل حُب فهذا قلبٌ يعرِفُ مَا يقولْ
وسَأنتظرُها بكُل لَهفةً وسَعادة وشُموُخ
وحِينَ تصِل إلى وسَط دياري
سَأرجعُها لمَن قالَ
عنّي إنّني كَذوُب
فمَن يَحبْ يثقْ للأبدْ
ولو رَأى بعَينيهِ الفجُور
فمَا حَاجَتي أنا بحَبيبَة
لهَا كُل يَوم قرارٍ وَوُعوُد
في الأمْسِ تحِبّني وتعشَقنِي
واليَومْ تتّضِح أنّه إعجَابٌ وسُرُور
فَإرحَلي بكُل سَعادةً يا فتاهْ وشُموُخ وسرُور