اخباريات - قدس نت
حكايات المعاناة في قطاع غزة لم تنتهي فصولها بعد , فكل لحظة من لحظات حياتنا تنجب ويلات ومعاناة جديدة تزيد من قسوة ومرارة الحياة بتلك المدينةالتي باتت كالسجن الصغير الذي يقبع بداخله أكثر من مليون والنصف مليون فلسطيني فمشهد المعاناة والحرمان اليوم متمثل في شريحة المسيحيين في قطاع غزة , فلم يكن المسلمون وحدهم في غزة من عانى وحرم من قضاء المناسبات الدينية المتمثلة بالأعياد "عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك " والاستمتاع بلحظاتها وأوقاتها فقط, بل طالت خيوط المعاناة لتمتد إلى شريحة المسحيين في غزة الذين ينتظرون بلهفة واشتياق استقبال أعيادهم المجيدية في الأيام المقبلة القليلة .
"قدس نت " دقت أبواب إحدى العائلات المسيحية في قطاع غزة , فجلست برفقتهم وتحدثت إليهم لتكشف عن طقوس وأجواء إحياء أعياد ميلادهم المجيدية في ظل تواصل الحصار ومنع إسرائيل لبعضهم من السفر إلى بيت لحم للاحتفال بأعيادهم, فكانت سطور هذا التقرير.
كان يجلس على باب بيته الذي كانت تحتضنه الكثير من أشجار عيد الميلاد الخضراء إضافة إلى أنواع أخرى من الأشجار, فجلسنا وتحدثنا إليه لمعرفة كيف يقضى هو وأسرته لحظة أعيادهم المسيحية في غزة .
إنها عائلة من أكبر العائلات المسيحية الكبيرة في قطاع غزة , حيث فضلت عدم الإفصاح عن اسم العائلة لأسباب شخصية , أبو ماهر الذي كان يتحدث بلهفة جدية لمراسلتنا قال :" كل عام نتحسر على حرماننا من قضاء أعيادنا المجيدية من عيد الفصح والقيامة المجيدية وعيد الميلاد المجيد " الكرسمس " والتي ستبدأ مع بداية العام الجديد وتنتهي في التاسع من شهر يناير ", مؤكداً أن قلة قليلة من مسيحيو غزة من يسمح لهم بالسفر إلى بيت لحم لقضاء الأعياد وممارسة الطقوس في كنيسة المهد ببيت لحم بالضفة الغربية .
وفيما يتعلق بكيفية قضاء المسيحيون في غزة لأعيادهم و تابع أبو ماهر حديثه قائلا :" قبل أسبوع من اقتراب العيد المجيد نقوم أنا وعائلتي وأقربائي بتزين شجرة عيد الميلاد الخضراء بالعديد من أدوات الزينة وخاصة تكون باللون الأحمر , ونضع عليها "بابا نويل" ونضيئها بأسلاك كهرباء صغيرة " , موضحاً أن بعد الانتهاء من تزين الشجرة تبدأ حكايات الجلوس والاحتفال السعيد لحظة انطلاق سفارة انتهاء عام وبداية أخر جديد.
وأضاف :"وفي صباح يوم العيد نذهب إلى كنيسة الروم " الأرثوذكس " في غزة لنصلى صلاة العيد ومن ثم بعدها نذهب للبيت من اجل استقبال الضيوف وتقديم الضيافة لهم ", مشيراً إلى أن حسرة وحرمان قضاء أعيادهم في كنسية المهد ترافق خطواتهم وأوقاتهم أثناء احتفالهم بأعيادهم في غزة .
وبرفقة أجواء الحديث الممتعة قال:" المسيحيون في بيت لحم يتمتعون بأسعد لحظاتهم عند الاحتفال بالأعياد المجيدة بسبب أن الكنسية هي مهد نبينا المسيح عيسى عليه السلام, وطقوس الاحتفال بداخلها وزرايتها تعنى لنا الكثير, حيث تجد فرق الكشافة والموسيقى تصاحب لحظات الاحتفال والأجواء , أما في غزة فنقتصر على الزيارات فقط ", متابعاً :" لم يقتصر الاحتفال على مسيحيون الضفة فقط بل تجد أن الكثير من المسيحيون يتوافدون من جميع الدول العربية والأجنبية إلى الكنسية فالأجواء تشجعك هناك على الاحتفال عكس الطقوس في غزة المحاصرة ".
وبصحبة الحسرة التي كانت تنطق من عينياه الصغيرتان أضاف أبو ماهر :"عدد المسيحيون في غزة لا يتجاوز ألفين مسيحي , وعلى الرغم من قلة العدد إلا أننا محرمون من ابسط حقوقنا كمسحيين وفى فلسطين بلدنا مهد الديانات الإسلامية , والمعاناة والحسرة الجديدة أيضاً التي ترافقنا وهى مشاهدتنا للتلفاز ورؤية كافة المسيحيون بالعالم كيف يحتفلون ويسعدون بقضاء أجمل الأوقات ", معرباً عن أمله وأمنيته في قضاء لحظات أعيادهم المجيدة كباقي مسيحيو العالم الذين يتوافدون من جل لدول العربية والأجنبية إلى فلسطين .
وأكد في ختام حديثه لمراسلتنا على أن الاحتلال الإسرائيلي يضيع الفرحة من عيون المسلمين والمسيحيون معاً عند الاحتفال بالأعياد والمناسبات الدينية الخاصة بهم, مشدداً على أهمية أن يتوحد الصف الفلسطيني الداخلي من أجل أن ينعم المسلم والمسيحي في غزة بحياة سليمة وهادئة .
هكذا يقضى مسيحيو غزة فرحة أعيادهم التي لم تكتمل مع تواصل الحصار الاسرائيلى في غزة والذي يقف حجرة عثرة أمام الاحتفال بأعيادهم المسيحية .