بدأت آثار الأزمة المالية العالمية تهدد قطاعات متعددة بالمغرب، ما جعل الشركات الخاصة للسيارات والنسيج تستنجد بالحكومة المغربية طالبة منها يد المساعدة قبل أن يصيبها الانهيار والكساد بعد أن بلغت خسائرها مليارات الدراهم.
ويخشى محمد يتيم، الكاتب العام لنقابة الاتحاد الوطني للشغل (المقربة من حزب العدالة والتنمية الإسلامي) بالمغرب من تحويلها إلى كبش فداء للأزمة في ظل تخلي الحكومة عنها.
من جهته، اعتبر زهير نجيب بوليف أستاذ الاقتصاد بجامعة طنجة أن الأزمة ستزداد استفحالا، معبرا للجزيرة نت عن خشيته من عواقبها الاجتماعية وتخلي الشركات عن مسؤولياتها.
استنجاد بالحكومة
وسجل قطاع السيارات انخفاضا بنسبة 30% في الآونة الأخيرة. ويشغل قطاع النسيج بالمغرب أكثر من 230 ألف موظف مهدد بالبطالة.
ويرى الاتحاد العام للشركات الخاصة بالمغرب أن مساعدة مالية عاجلة صارت شيئا حيويا ومصيريا.
ويطمع أرباب النسيج في إقناع السلطات المغربية بمساعدتهم. فحسب محمد تامر رئيس الجمعية المغربية لصناعة النسيج والملابس "لا بد من إيجاد حلول ووسائل لتفعيل شراكة، وتضامن بين القطاعين الخاص والعام". مضيفا أن "الوقت لا يرحم وأن نشاط النسيج قطاع إستراتيجي بالنسبة للاقتصاد الوطني المغربي".
وعقدت الشركات المتضررة اجتماعا هاما مع وزير التجارة والصناعة أحمد الشامي، ووزير التجارة الخارجية عبد اللطيف معزوز قبل أسبوع لتقديم جملة مقترحات لإسناد قطاعاتهم. وعلى إثر ذلك انعقدت في الوزارات المعنية عدة اجتماعات للنظر في تلك المقترحات.
وحسب ما رشح من تلك الاجتماعات، فإن المساعدات المالية التي يمكن أن تقدمها الحكومة ستكون قابلة للاسترجاع على مدى السنتين أو السنوات الثلاث القادمة.
المجموعات الأجنبية
الأزمة العالمية لم تقتصر على الشركات المغربية وحدها، بل ظهرت آثارها أيضا على الشركات الأجنبية الناشطة بالمغرب، العربية منها والأوروبية.
فالمشاريع العقارية المكتملة بدأت تعرف تراجعا في الطلب عليها، كما هو الحال بالنسبة لمجموعة "إعمار" ومجموعة "ديار" القطرية.
المجموعة الأخيرة توشك على إنهاء مشروع مدينة الهوارة المحاذية للساحل البحري الأطلسي قرب طنجة، غير أن عملية البيع والترويج تأخرت عن موعدها. وأقدمت الشركة على تغيير المهندسين اللبنانيين بآخرين مغاربة للتخفيف من التكاليف الباهظة.
من جهته، تجنب إيف ديلمار المدير العام لشركة إعمار بالمغرب الحديث عن آثار الأزمة العالمية، مرددا التصريحات الرسمية المغربية التي تطمئن المستثمرين بأن المغرب بمنأى عن الأزمة. غير أنه أقر بضرورة مراجعة مسار المشاريع بالمغرب وتكييفها مع القدرة الشرائية بالسوق.
أما المشاريع المستقبلية فأوقف بعضها، وعدل بعضها الآخر، كما هو الحال بالنسبة للمجموعة الفرنسية "ألان كرين" التي استطاعت أن تبيع نصف مشروعها السكني الضخم للأجانب بمراكش، خاصة الفرنسيين، لكن النصف الآخر يعرف تراجعا في الطلب.
وقالت السيدة رونو المسؤولة بوكالة "إيمو ستاندينغ" المكلفة بعملية البيع في أغادير "إن العديد من المستثمرين الأوروبيين الذين روجت الوكالة لمشاريعهم العقارية اضطروا لمراجعة برامجهم وتعديلها بعد أن وجدوا صعوبات كبيرة في الحصول على تمويلات من المصارف الأوروبية منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
وسجلت غرفة الموثقين المغاربة انخفاضا كبيرا في بيع العقارات الراقية في مراكش بنسبة 40 إلى 45% و60 إلى 75% في طنجة.